يواجه مجتمع الباحثين في
دول مختلفة حول العالم الكثير من التحديات المحيطة بأعمالهم البحثية، تشمل اقتراح
الأفكار البحثية وتنفيذها، وتمتد إلى مراحل نشرها وتقييمها ومشاركتها مع الأقران
والأوساط المهتمة ذات الصلة، وقياس مستوى جودتها وأثرها. تعد هذا الطرق أنماط تقليدية
للمسارات التي يمر بها الإنتاج العلمي، الذي يمكن أن يستغرق فترة طويلة تصل إلى
سنوات، حتى تحقيق انتشار واسع النطاق وشهرة للأعمال البحثية المبتكرة في الأوساط
العلمية، غير أن مسارًا جديدًا لاح بالأفق رسمته التكنولوجيا الجديدة بفضل وسائل
التواصل الاجتماعي، التي أصبحت قادرة على إحداث التأثير في مجتمع الباحثين وطبيعة
إنجازاتهم.
يُنظر إلى وسائل التواصل
الاجتماعي على أنها باتت تمثل جزء لا يتجزأ من الاتصالات الحديثة ومشاركة
المعلومات ونشرها اليوم. في مجالات الخاصة بالعلوم والبحوث، فقد ظهرت الشبكات
الاجتماعية الأكاديمية كأداة قيمة للباحثين للترويج لأعمالهم، وجمع البيانات
وتحليلها، وإيجاد فرص للتعاون بين الافراد والباحثين. على سبيل المثال، توفر قنوات
التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيس بوك ورسيرشقيت ولينكدان، للباحثين طرق فعالة
ومباشرة تساعدهم في الوصول إلى جمهور عالمي، وتمكنهم من ترسيخ أنفسهم كخبراء في
مجالهم.
لذا يمكن أن تكون مواقع
الشبكات الاجتماعية أداة قيمة للباحثين، ولكن تتوقف الاستفادة من قيمة هذه الوسائل
على طريقة استخدام الباحثين لها. سنتناول في هذه المقالة بعض الاستراتيجيات التي
تساعدك كباحث على استخدام الشبكات الاجتماعية بشكل فعال، حتى تتمكن من المشاركة
والترويج لأعمالك البحثية من جمهور واسع. هذه الاستراتيجيات هي كالتالي:
* قم باختيار وسائل التواصل الاجتماعي المناسب:
يوجد العديد من وسائل
التواصل الاجتماعي المختلفة وتحظى كل منها على جماهير وميزات مختلفة؛ لذا من المهم
أن تحدد المواقع الاجتماعية التي تتلاءم مع شخصيتك وتساعدك على الوصول لهدفك. على
سبيل المثال، يعد تويتر موقعًا رائعًا بالنسبة للباحثين، ويرجع ذلك لما يتيحه لهم
من تفاعل مع جمهور واسع وشخصيات متنوعة، بينما يقدم الفيس بوك مجموعات مع لوحات
للمناقشة، تتيح للباحثين الحصول على الدعم من الزملاء والخبراء من جميع أنحاء
العالم عند مشاركتهم شكوكهم والتحديات التي تواجههم في عملية البحث. أما بالنسبة
لبرنامج رسيرشقت فقد تم تصميمه بهدف التعاون بين الباحثين، بينما يعتبر لينكدان هو
الموقع الأنسب للتواصل المهني.
* قم بإنشاء ملفك الشخصي بشكل احترافي:
عندما تنظر إلى أحد وسائل التواصل الاجتماعي، من
المهم أن تحرص على إنشاء ملفك التعريفي الخاص بشكل جذاب، حيث يتضمن سيرتك الذاتية
بشكل موجز وواضح، فهذا سيؤسس مصداقيتك ومكناتك كباحث، إضافة إلى أنه يمكنك أيضًا
أن تضع روابط لأبحاثك ومنشوراتك، فذلك سيساعد الآخرين على قراءة أبحاثك والتواصل
معك. تضم الشبكات الاجتماعية الكثير من المزايا، إحداها إتاحة الفرصة للباحث إنشاء
صفحته الشخصية، التي تتضمنه معلومات عنه، ويمكنه عرض أفكاره وتجاربه البحثية
والمهنية، وبعض الإحصاءات المتعلقة بمعدل وحجم نشر أعماله البحثية، ونسبة
الاقتباسات منها، وهذا بدوره يمكن أن يعزز شهرته في الوسط البحثي.
*روّج لبحثك بشكل متكرر وفعال:
تعتبر وسائل التواصل
الاجتماعي الرائدة أحد الطرق الجيدة التي تساعد على تسهيل الوصول لأبحاثك وقراءتها
والاستشهاد بها. كما تمكنك من العثور على المدونين والصحفيين والمؤثرين في مجالك
البحثي، ومشاركة مقالاتك العلمية المنشورة، وتقديم مشاركاتك في المؤتمرات، ومشاركة
مجال اهتمامك البحثي عبر الإنترنت. ولا تنسى إضافة علامات تصنيف ذات صلة لجعل
المحتوى الخاص بك أكثر قابلية للعثور عليه، واستخدام أسلوب سرد القصص في العلوم
بلغة واضحة وموجزة تسهل الوصول إليها، أيضًا من قبل الجمهور الغير متخصص. من خلال
إنشاء روايات جذابة، يمكن للمرء أن يتيح للقراء فهم الابتكارات والإيمان
بفعاليتها.
*خصص بعض الوقت للتفاعل مع الآخرين:
عندما تنظر إلى وسائل
التواصل الاجتماعي؛ لابد أن تضع بعين الاعتبار، أن أحد أهم الاعتبارات في استخدام
هذه المواقع هو الانخراط بنشاط مع الآخرين والتفاعل معهم في مجال بحثك العلمي، قم
بمتابعة الحسابات ذات الصلة، شارك في المحادثات والمناقشات التي تفيدك في مجالك،
شارك المحتوى المفيد وأعد مشاركته، قم باستطلاعات الرأي، ستفيدك الاستجابات
والتعليقات الواردة من متابعيك حول الاتجاهات الحالية في الأوساط الأكاديمية، مما
يساعدك ذلك في مواكبة أحدث التطورات في مجالك البحثي، كما ستساعدك على إيجاد
علاقات وخلق مجتمع متفاعل حول بحثك.
*التعاون مع الباحثين الآخرين:
تسمح لك كذلك وسائل التواصل
الاجتماعي من التفاعل مع الباحثين الآخرين، من خلال انضمامك إلى المجموعات ذات
الصلة، والتواصل مع الباحثين، وحضور المؤتمرات والأحداث الافتراضية. من الممكن أن
تدعم مواقع التواصل الاجتماعي الباحثين المهنيين المتميزين، الذين يبحثون عن فرص
بحثية جديدة وموارد تعليمية. علاوة على ذلك، أنها قد تساعدك مواقع التواصل
الاجتماعي في توسيع الشبكة البحثية الخاصة بك؛ مما يزيد ذلك من فرص النشر لأبحاثك.
منصات اجتماعية أكاديمية أخرى
إضافة إلى المنصات
الاجتماعية الشهيرة التي ذكرنها في الأعلى، هناك مجموعة أخرى من المنصات
الاجتماعية الأكاديمية، التي يمكن أن تحقق لك الفائدة والأهداف كباحث، على سبيل
المثال منصات تدعى باسم ريسيرش غيت، أكاديميا دوت إديو، فرونتيرز، تايمز هاير
إديوكيشن، سكوبس (ResearchGate, Academia.edu,
Frontiers, Timeshighereducation, Scopus). بات هذه المنصات تشكل روابط متجانسة بين
الكثير من الباحثين حول العالم، وتتمحور رسالتها حول التحفيز البحث الأكاديمي في
العالم، حيث توفر خاصية مشاركة المنشورات والأوراق البحثية، والوصول إلى عدد ضخم
منها، ومتابعة الباحثين ومراسلتهم، والحصول على نسخة كاملة من أعمالهم البحثية،
والتعاون مع المؤلفين والمتخصصين، وطرح المشكلات والأسئلة البحثية، والبحث عن حلول
لها، وإلقاء الضوء على التحديات والعراقيل حول المشاريع البحثية التي يعمل
الباحثون على تنفيذها، تتضمن أيضًا منصة التوظيف التي يستطيع الباحث من خلالها
البحث عن وظيفة ذات صلة في مجاله البحثي.
الخلاصة .. الشبكات الاجتماعية الأكاديمية
من المرجح أنك الآن تبدو
متحمسًا لإنشاء صفحتك الخاصة بك على أحد منصات وسائل التواصل الاجتماعي. لكن،
عندما تفكر أو تعزم على القيام بمثل هذه الخطوة؛ فمن المهم ألا تغفل من إدارة
صفحتك بشكل فعال ومسؤول. احرص على أن تكون لبقًا ومهنيًا أثناء تعاملاتك مع
الآخرين، مع كونك حذرًا بشأن ما تشاركه من المعلومات أو الأفكار. لا بد أن تأخذ
بعين الاعتبار، أن تواجدك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتفاعلك مع الأحداث
الافتراضية هو انعكاس لهويتك وشخصيتك وأبحاثك.
لذلك، من المهم ترك صورة إيجابية ومهنية لك عبر وسائل التواصل الاجتماعي. في الختام، إن أخذك بالنصائح التي تمت مناقشتها في هذه المقالة، ستمكنك من استخدام هذه الوسائل بطريقة هادفة وفعالة لدعم أبحاثك ومسيرتك العلمية، وجذب المهتمين بالموضوعات التي تناقشها كباحث وتوثيقها، والمساهمة في تنمية الأفكار والثقافة لدى الباحث وتنمية خبرته والمنافسة مع الباحثين الآخرين في هذه المجالات.