أود أن أناقش في هذه
المقالة حالة التدفق المركز. هل سبق لك أن اختبرت حالة من التركيز العميق، تعمل
فيها ببساطة دون تشتيت انتباهك، ويتلاشى بقية العالم من الوجود؟ ربما كان معظمنا
على دراية بهذا الشعور وتم اختباره عند قراءة كتاب، أو لعب إحدى ألعاب الكمبيوتر،
أو ربما تكون قد شعرت بهذه الحالة أثناء الدراسة أو إجراء البحث لامتحان كيفية عمل
المواقف. قد يكون استعادة حالة التدفق المركز هذه أثناء العمل على إجراء البحث
أكثر صعوبة، خاصةً بالنسبة للباحثين وطلبة الدراسات العليا، الذين يواجهون مهمة شاقة تتمثل في
العمل في مشروع بحثي قد يمتد لعدة سنوات.
لا تقلق بشأن عدم استعادة
الشعور بالتدفق المركّز أبدًا، عندما تواجه صعوبة في التركيز. لقد أخبرني مدرس
التأمل ذات مرة أن حالة التدفق المركّز موجودة باستمرار. هذه الحالة الذهنية يمكن
مقارنتها بسماء صافية. عندما نواجه صعوبة في التركيز، تكون أفكارنا مثل الغيوم
التي تحجب رؤيتنا للسماء الصافية. ومع ذلك، كل ما يتعين علينا القيام به هو حجب
هذه الغيوم للتمكن من الوصول إلى حالة التدفق المركز مرة أخرى.
وبغض النظر عن الأفكار أو
التأملات الفلسفية حول أذهاننا، وكيف يمكن أن تصبح مشوشة، هناك طرق عملية يمكنك
اتباعها للعمل بكفاءة أكبر. إليك بعض الاقتراحات التي يمكنك تجربتها إذا وجدت نفسك
تسقط في حفرة الأرانب على الإنترنت دون تركيز:
1. الاستعداد لأداء المهام والتخطيط لها
في اللغة الهولندية هناك
ثول مأثور "إذا بدأت بشكل جيد، فقد فزت بالفعل بالنصف." إن البداية
الجيدة في إجراء البحث هو تحديد العمل الذي يجب القيام به والتخطيط له. لقد كتبت
على نطاق واسع حول مسألة التخطيط، بما في ذلك كيفية استخدام مجموعات زمنية أصغر
لتناسب جميع المهام الخاصة بي ونصائح للتخطيط الجيد. يجب أن تعرف ما تحتاج لأدائه
في أي يوم معين وكم من الوقت تتوقع أن تستغرق كل من هذه الأعمال الروتينية.
إذا كان لديك ساعة فقط كل
يوم للتركيز على مهمة معينة، ثم تحتاج إلى الانتقال إلى الموضوع التالي، فستقل
احتمالية أن تفقد التركيز عما لو خصصت بضعة أيام متتالية للعمل على موضوع واحد فقط
(لأنه على سبيل المثال، اقترب الموعد النهائي). لذا خطط مسبقًا لتضمن قدرتك على الوفاء
بالمواعيد النهائية الخاصة بك، والعمل على موضوع معين في فترات زمنية قصيرة.
2.
تحديد أهداف واضحة
إن معرفة ما عليك القيام به
بالضبط يسير جنبًا إلى جنب مع التخطيط الجيد. لا تخبر نفسك بأنك ستكتب على ورقتك
بين الساعة 8 إلى 10 صباحًا. ضع هدفًا لهذه الفترة الزمنية بدلًا من ذلك. على سبيل
المثال، حاول أن إضافة 1000 كلمة إلى النص في المسودة أو عمل إطارين من الرسوم
والأشكال. ستكون أقل عرضة للتسويف بمجرد أن تحدد بالضبط ما يجب القيام به.
3.
استخدام نهج بومودورو
تشير تقنية بومودورو إلى
ضبط مؤقت لمدة 25 دقيقة ثم أخذ استراحة لمدة 5 دقائق. يُسمح لك فقط بالعمل في
مهمتك لمدة 25 دقيقة التي حددتها. لا تصفح للإنترنت، ولا مكالمات هاتفية - إذا تمت
مقاطعتك، فسيتم اعتبار هذا التخطيط الخاص بك غير مجدي، ويجب عليك إعادة تنظيمه مرة
أخرى. يوصى بوقفة أطول لمدة 30 دقيقة تقريبًا بعد ثلاثة أو أربعة مهام تم إنجازها.
إذا بدا أن 25 دقيقة من التركيز طويلة جدًا، فتدرب على البدء مع فترات زمنية أقل.
تعتبر تقنية بومودورو جيدة للقيام بأنشطة ومهام شاقة أو البقاء متحمسًا أثناء
الكتابة.
4.
وضع فواصل حقيقية
عندما تقرر أخذ قسط من
الراحة، استفد منها إلى أقصى حد. لا تكتفي بالجلوس وتصفح الإنترنت واتركها للوقت
الوفير المخصص لذلك. على سبيل المثال، اقرأ كتابًا، وقم ببعض الرسم، وتناول كوبًا
من الشاي، واذهب للخارج للحصول على بعض الهواء النقي - أي شيء تحتاجه لإبعاد ذهنك
عن مهمتك وتجديده. ستشعر بمزيد من اليقظة والتركيز بعد استراحة واعية، مما لو كنت
تقضيها فقط في الإعجاب بصور أو منشورات أصدقائك على وسائل التواصل الاجتماعي.
5.
اعرف متى تتوقف
إذا كان يومك لا يسير على
ما يرام، فلا تجبر نفسك على البقاء متأخرًا لتعويض الوقت الضائع خلال ذلك اليوم.
اترك العمل كما هو، وافعل شيئًا ممتعًا ومنعشًا، مع العلم أنك قد تعود إلى المشكلة
في اليوم التالي للنظر إليها. بالطبع، أنا لا أمنحك الإذن لتأجيل أي شيء دائمًا
حتى الغد! إن النقطة المهمة هنا هي أن تكون صادقًا مع نفسك حقًا. إذا كنت تمر بيوم
سيئ، فمن غير المرجح أن تركز بشكل مكثف على بحثك الذي تجريه.
6.
اسأل نفسك لماذا تنطلق لأداء مهمتك
مع كونك صادقًا مع نفسك
يأتي أيضًا إلى القدرة على معرفة سبب وجود صعوبات في التركيز. لقد كتبت تحليلًا
ليوم ما بعد الظهر عندما واجهت صعوبات في التركيز. عندما تجد نفسك تقاتل الرغبة في
الذهاب والتحقق من موقع الأخبار المفضل لديك كل 10 دقائق، يجب أن تسأل نفسك لماذا
اليوم تخوض مثل هذه المعركة الشاقة؟ هل هذا لأنك لست على ما يرام؟ ثم أعد النظر في
النقطة 5، وخذ قسطًا من الراحة. هل هذا بسبب عدم وجود أهداف واضحة؟ هل هذا بسبب
إجبارك على نفس المهمة لفترة طويلة جدًا؟ اكتشف ما الذي يعيقك، واستفد من هذا
الدرس للمستقبل.
7.
تخلص من عوامل التشتيت
لن تكون قادرًا على التركيز
إذا كان هاتفك الذكي في متناول اليد، ويصدر أصوات الطنين للإشعارات ويضيء طوال
الوقت. إذا كان هاتفك المحمول يشتت انتباهك، فضعه في الخزانة أو في حقيبة الظهر في
الوضع الصامت. إذا كان هناك الكثير من الضوضاء، فاستخدم سماعات الرأس للحد منها
(أوصي بسماعات إلغاء الضوضاء إذا كنت تستطيع شرائها). أغلق باب غرفتك، وأبقِ
الستائر مفتوحة، وافصل الإنترنت، وأبعد جميع المواد غير الضرورية عن مكتبتك الخاصة
بك. اتخذ أي خطوات ضرورية لإزالة أي شيء عن الطريق الذي قد يشتت انتباهك.
8. التهيئة لبدء إنجاز العمل
هيئ نفسك للنجاح بالرغم من
كل الإلهاءات والمشتات التي تعترض طريقك. افحص ما هو الأفضل بالنسبة لك من حيث
تحقيق التركيز العميق، وقم بمناقشة ما يناسبك. حاليًا، إذا كنت مكرسًا للعمل في
مهمة بتركيز كامل، فسأفتح جميع الملفات الضرورية، وأغلق جميع الملفات والبرامج
التي لا أحتاجها. اعتمادًا على ما أعمل عليه، قد أضع قلمًا وورقة كتابة في مكان
قريب بجوار لوحة المفاتيح.
إذا كان النشاط يتطلب
الكتابة، فسوف أبدأ في تتبع كلماتي باستخدام مقياس PhDometer. أضع سماعاتي المانعة للتشويش وأبدأ في
الاستماع إلى أي شيء يروق لي. أخيرًا، أضغط على زر البداية من أجل استراتيجية
بومودورو وأركز عليها تمامًا. تعرف على روتينك وطقوسك في العمل المركز واحترمها؛
سوف تساعدك على المضي قدمًا عندما تصبح الأمور صعبة.
9.
تدريب اليقظة
يتم تحسين التركيز من خلال
تدريب اليقظة. لأكون صريحًا، أنا دائمًا ما أكون متوقفًا عن ممارستي الشخصية. في
بعض الأحيان، أُصاب بسلسلة من التأمل لمدة 30 يومًا، ثم أذهب إلى مؤتمر، وأخرج من
جدول أعمالي المعتاد، وأجد صعوبة في استعادة روتين العمل مرة أخرى. ببساطة اعلم
واعترف بأن اليقظة هي مهارة متاحة لك إذا كنت بحاجة إلى تدريب ذهنك.
10.
خطط وفقًا لراحة جسدك
هل تميل إلى الشعور بالنعاس
عادةً بعد تناول وجبة الغداء؟ ثم لا تقم بالجدولة والتخطيط للبحث بحث المكثف في
تحليل الأرقام خلال تلك الساعات. حدد أوقات اليوم الأفضل لمهام معينة وخطط لأيامك
بشكل مناسب وفقًا لذلك. لا تحاول أن تدفع نفسك للعمل بشكل مركز عندما يكون جسمك
متعبًا أو تشعر بالخمول؛ بدلًا من ذلك اختر كيف تنفق طاقتك بشكل جيد.
11.
اجعل النوم أولوية لديك
لا يمكن التركيز إذا كنت
متعبًا. إذا كنت كذلك لأن عملك في مجال التعليم أو البحث يستغرق الكثير من الوقت
والجهد، فيجب عليك تغيير طريقتك في الدراسة؛ طريقتك الحالية هي دوامة هبوطية. ركز
على الممارسة المتعمدة - حدد أقسام محتوى المواد الخاص بك التي يصعب إتقانها، وخصص
وقتك وطاقتك للعمل الشاق. اقضِ أقل وقت ممكن في الانغماس في المواد السهلة. اجعل
النوم أحد أولوياتك غير القابلة للتفاوض بكل الوسائل. إذا لم تتمكن من إيجاد وقت
كافٍ من النوم، فقم بإلقاء نظرة على جدولك الزمني وحدد الأشياء والمهام التي لا
تمثل أولوية.
12.
ممارسة الرياضة والتمارين اللياقية
هل تشعر بالخمول وعدم
القدرة على التركيز؟ يمكن أن تكون ممارسة الرياضة وتمارين اللياقة البدنية مفيدة
حقًا وتصنع الأشياء المبدعة. إذا كنت تتحكم في جدولك الزمني ووجدت نفسك تكافح من
أجل التركيز في منتصف فترة ما بعد الظهر، فقد ترغب في المشي على القدمين أو الجري
لمسافة محددة أو رفع بعض الحديد قبل العودة إلى العمل على مهمتك بطاقة متجددة.
13.
تناول الغذاء بدون إفراط
لا أحد يستطيع أن يعيش فقط
على تناول البيتزا والمشروبات الغازية وحدها. حسنًا من الناحية الصحية، يمكنك
البقاء على قيد الحياة، لكنك لن تعمل على النحو الأمثل. تناول وجبات مغذية ومناسبة
تمدك بالطاقة طوال اليوم. كن حذرًا من طفرات الطاقة والانهيارات التي يوفرها
السكر، ولا تشرب الكثير من القهوة – فسوف تجعلك متوترًا في مرحلة ما. ضع في
اعتبارك أن جسمك عبارة عن آلة، واتخذ قرارًا مدروسًا لتزويده بوقود ممتاز لتحقيق
أعلى أداء.
14.
الممارسة والبدء بخطوات أصغر
إذا كنت تواجه حاليًا صعوبة في التركيز، ولا تحصل على قسط كافٍ من النوم، وتعيش على المعكرونة والجبن التي يمكن تسخينها في المايكرويف، فلا تتوقع أن تتغير الأمور بين عشية وضحاها. اتخذ خطوات صغيرة نحو ذهنًا أكثر صفاءً يغذيه جسمًا أكثر صحة من حيث التركيز في ممارسة العمل. لا تستسلم إطلاقًا إذا حاولت تجربة تقنية بومودورو ذات يوم ولم تنجح معك. حاول تجربتها عدة مرات، ومارس تقنيات تركيز مختلفة، وكن لطيفًا مع نفسك.