إن دراسة الحالة هي فحص
متعمق لموضوع معين، مثل شخص أو مجموعة أو منظمة أو مكان أو مناسبة أو حدث أو
ظاهرة. كثيرًا ما تستخدم دراسات الحالة في البحوث الاجتماعية والتعليمية والسريرية
والتجارية.
على الرغم من استخدام
الأساليب الكمية في بعض الأحيان، إلا أن الأساليب النوعية تُستخدم عادةً في تصاميم
أبحاث دراسة الحالة. تعد دراسات الحالة جيدة ومفيدة في وصف الجوانب المختلفة
لمشكلة البحث ومقارنتها وتقييمها وفهمها.
متى يجب القيام بدراسة الحالة
عندما ترغب في اكتساب معرفة
أكثر تحديدًا من حيث السياق، ومتعمقة حول موضوع معين في العالم الحقيقي، فإن دراسة
الحالة هي تصميم بحث مناسب. يمكنك هذا النوع من الأبحاث من استكشاف السمات
الرئيسة والدلالات والآثار المترتبة على الحالة.
غالبًا ما تكون دراسات
الحالة خيارًا جيدًا في الورقة البحثية. عندما لا يكون لديك الوقت أو
الموارد لإجراء بحث مكثف وواسع النطاق، فإن دراسات الحالة تساعد في الحفاظ على
تركيز مشروعك وإمكانية إدارته.
يمكنك استخدام دراسة حالة
واحدة شاملة ومعقدة فقط، حيث تقوم بفحص موضوعًا واحدًا بعمق وبدقة، أو يمكنك إجراء
العديد من دراسات الحالة؛ للمقارنة وإلقاء الضوء على الجوانب المختلفة لمشكلة
البحث الخاصة بك.
الخطوة الأولى: تحديد الحالة
بمجرد الانتهاء من وصف
مشكلة وأسئلة البحث لديك، يجب أن تكون مستعدًا لاختيار الحالة المحددة التي ترغب
في التركيز عليها. يجب أن تتمتع دراسة الحالة الجيدة بالقدرة على:
• إعطاء وجهات نظر جديدة أو
غير متوقعة حول الموضوع.
• أن تكون النظريات
والافتراضات الحالية محل نزاع أو معقدة.
• تقديم أفكار واقتراحات
عملية وواضحة لمعالجة مشكلة ما.
• تحديد اتجاهات ومسارات
جديدة للبحث في المستقبل.
نصيحة
ضع في اعتبارك استخدام
البحث الإجرائي كبديل للبحث التقليدي؛ إذا كان مشروعك البحثي أكثر عملية بطبيعته
ويحاول فحص مشكلة ما وحلها في وقت واحد.
لا تحتاج دراسات الحالة
الجيدة إلى عينة عشوائية أو تمثيلية، على عكس البحث الكمي أو التجريبي. في الواقع،
غالبًا ما تركز دراسات الحالة بشكل متعمد على حالات أو مواقف فريدة وغير عادية أو
متجاهلة أو بعيدة زمنيًا، يمكن أن توفر رؤية جديدة في مشكلة البحث.
مثال على دراسة حالة بعيدة زمنيًا
في الستينيات من القرن
الماضي، لقد وُجد أن مدينة روزيتو بولاية بنسلفانيا الأمريكية، لديها معدلات
منخفضة بشكل لا يصدق من معدلات الإصابة بأمراض القلب مقارنة بالمتوسط في الولايات
المتحدة.
لقد أصبحت دراسة الحالة مهمة لفهم أسباب أمراض
القلب التي تم تجاهلها سابقًا. ومع ذلك، يمكنك بدلًا من ذلك اختيار حالة تمثيلية
أو أكثر شيوعًا لتمثيل فئة أو حدث أو تجربة أو ظاهرة معينة.
مثال على دراسة حالة تمثيلية
في عشرينيات القرن الماضي،
لقد اختار اثنان من علماء الاجتماع مدينة مونسي بولاية إنديانا كدراسة حالة لمدينة
أمريكية نموذجية؛ زعموا أنها تمثل الثقافة المتغيرة للولايات المتحدة الأمريكية في
ذلك الوقت.
الخطوة الثانية: إنشاء الإطار النظري
يبدو أن دراسات الحالة لها
بعض العلاقة بالنظرية في المجال، حتى لو كانت تميل إلى التركيز على التفاصيل
الملموسة أكثر من التعميمات والنظريات العامة. بهذه الطريقة، فإن دراسة الحالة
ليست مجرد وصف معنزل، ولكنها تساهم في المعرفة الموجودة حول الموضوع. قد تسعى
دراسات الحالة إلى:
• تقديم نموذجًا لنظرية من
خلال توضيح كيفية تفسيرها للحالة التي يتم النظر فيها.
• تطوير النظرية عن طريق
تحديد المفاهيم والأفكار الجديدة التي يجب تضمينها.
• دحض النظرية عبر التحقيق
في حالة أو موقف لا يتناسب مع الافتراضات الحالية.
يجب عليك إجراء مراجعة
أدبية للمصادر ذات الصلة بالموضوع وإنشاء إطار نظري؛ للتأكد من أن تحليلك للقضية
أو الحالة له أساس أكاديمي متين. هذا يستلزم اتخاذ قرار بشأن المفاهيم والنظريات
الأساسية لتوجيه تفسيرك وتحليلك.
الخطوة الثالثة: جمع البيانات
يمكنك استخدام مجموعة
متنوعة من طرق البحث للحصول على البيانات حول موضوعك. تركز دراسات الحالة في كثير
من الأحيان على البيانات النوعية، باستخدام أدوات بما في ذلك الملاحظات والمقابلات
وتحليل المصادر الأولية والثانوية (على سبيل المثال، مقالات الصحف والصور الفوتوغرافية
والسجلات الرسمية). قد تقوم دراسة الحالة أحيانًا بجمع بيانات كمية أيضًا.
مثال على دراسة حالة باستخدام نهج مختلط
يمكنك جمع البيانات الكمية
عن معدلات التوظيف وإيرادات الأعمال، لدراسة حالة لتطوير مزرعة رياح في منطقة
ريفية، كذلك جمع البيانات النوعية عن وجهات نظر السكان المحليين وخبراتهم، وتحليل
التغطية الإعلامية المحلية والوطنية للتنمية. إن الهدف من ذلك هو فهم الحالة
وسياقها بصورة شاملة قدر الإمكان.
الخطوة الرابعة: وصف الحالة وتحليلها
تحتاج إلى تضمين جميع
الجوانب ذات الصلة عند كتابة دراسة الحالة؛ حتى يكون لدى القارئ أقصى فهم ممكن
للمسألة التي تناقشها في البحث.
سيحدد نوع الدراسة التي
تجريها كيفية تقديم نتائجك. تحتوي بعض دراسات الحالة على تنظيم مشابه تمامًا
للورقة البحثية التقليدية، من خلال وضع أقسام أو فصول منفصلة للمنهجية
والنتائج والمناقشة.
بينما يستخدم آخرون أسلوب
كتابة سردي أكثر، ويتحققون من الحالة من وجهات نظر متعددة أثناء تحليل معانيها
وتداعياتها (على سبيل المثال، من خلال استخدام التحليل النصي أو تحليل الخطاب).
ومع ذلك، في جميع الحالات، قم دائمًا بتوفير تفاصيل سياقية حول الحالة، وربطها مرة أخرى بالأدبيات البحثية والنظرية العلمية، وتحدث عن كيفية تناسبها مع الاتجاهات أو المناقشات الأوسع.