لطالما كان يُنظر إلى جمع البيانات البحثية وتحليلها وإدارتها
على أنها ضرورية للبحث العلمي والتقدم الفكري والأكاديمي. مع استمرار نمو الحجم
الهائل للبيانات التي يتم إنتاجها اليوم وتضخمها، هناك تركيز متزايد على أهمية
تنظيم وإدارة هذه البيانات ودمجها وتخزينها.
في حين أن بعض الباحثين قد يعتبرون إدارة البيانات مجرد أعمال
ومهام إدارية مرهقة أخرى، إلا أنها بالغة الأهمية لأنها تحسن من جودة التحليل،
وتسهل التحقق من صحة البيانات، وتساعد على تقليل الأخطاء المحتملة. من ناحية أخرى،
يمكن أن يكون الأمر كارثيًا في حالة فقدان البيانات؛ بسبب عدم وجود خطة منظمة
لإدارة البيانات. لن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا للباحثين لاستعادة البيانات
المفقودة فحسب، بل قد يكون أيضًا مكلفًا، إن لم يكن مستحيلًا في بعض الظروف.
نتيجةً لذلك، من الضروري التخطيط المسبق وتطوير ممارسات وتقنيات إدارة البيانات
بطريقة جيدة قبل بدء البحث.
لا تقلق إذا كنت تعتقد أن هذه المهمة صعبة. فيما يلي بعض
الاقتراحات العملية والمفيدة، التي تساعدك على تطوير إستراتيجية فعالة لإدارة
البيانات.
1. خطط مسبقًا وابدأ مبكرًا في إنشاء خطة لإدارة البيانات:
ستكون الخطوة الأولى المقترحة هي وضع خطة منظمة ومفصلة لجمع
وتخزين ومشاركة البيانات، التي تم الحصول عليها أثناء إجراء البحث. قم بتوسيع
القائمة لتصميم نظام تخزين بيانات رقمي أو ورقي؛ للمساعدة في فهرسة النسخ المطبوعة
للمواد المصدر. إذا لم تكن متأكدًا من كيفية المتابعة بعد ذلك، فاستخدم القوالب
عبر الإنترنت أو استفسر عن الموارد الداخلية وأدوات إدارة بيانات البحث المتاحة في
جامعتك. من الأسهل استخدام القوالب الموجودة، بدلًا من إضاعة الوقت في إنشاء واحدة
من البداية.
2. تعرف على سياسات المؤسسة أو المتعاونين في تخزين البيانات:
أحيانًا ما يكون للجامعات ووكالات التمويل والمؤسسات الشريكة
قواعد وإرشادات صارمة ومحددة حول المكان الذي يمكنك فيه الاحتفاظ ببيانات البحث
الخاصة بك. يتم ذلك ليس فقط لمعالجة المخاوف الأمنية، ولكن أيضًا لتجنب المشكلات
والتحديات الإدارية والقانونية التي قد تنشأ في المستقبل. على سبيل المثال، ستواجه
المؤسسات موقفًا صعبًا ووضعًا حرجًا إذا لم تتمكن من تلبية طلبات المنشورات للوصول
إلى البيانات؛ لأن الباحث اختار حفظها على منصات شخصية أو خارجية عوضًا عن الخوادم
الرسمية.
3. أنشئ مجلدات وضع مصطلحًا بسيطًا لتسمية الملفات:
سيسمح لك إنشاء أسماء ملفات مختصرة وواضحة وسهلة الفهم
باكتشاف الملفات، التي تحتوي على المعلومات المحددة التي تريدها وتبحث عنها بناءً
على عناوينها بسرعة. لن يجعلك هذا منظمًا فحسب، بل سيوفر لك الوقت أيضًا على المدى
الطويل. بالإضافة إلى ذلك، يعد دمج المستندات التي تحتوي على معلومات متشابهة في
مجلدات طريقة جيدة لضمان ترتيب البيانات بشكل صحيح في أقسام. هذا يجعل من الأسهل
والأسرع التعرف على بيانات معينة وإدارتها ونشرها وإعادة استخدامها عندما تحتاج
إليها لاحقًا.
4. التحكم في الإصدار المنهجي في عناوين الملفات:
تخضع بيانات البحث
بمرور الوقت لعدة تغييرات وإضافات، أحيانًا مع مدخلات من أعضاء مختلفين في الفريق.
ينتج عن التكرارات المتعددة المزيد من الأخطاء والفوضى. من أفضل الطرق لتجنب ذلك
هي أن تنشئ ملفات منفصلة بأرقام الإصدارات، أو "جدول التحكم في الإصدار"
الذي يسجل التاريخ ورقم الإصدار والأحرف الأولى من الشخص الذي يجري تعديلات على نص
المستند. هذا يقلل من الحاجة إلى التدقيق في إصدارات متعددة من المستند، ويسهل
الرجوع إلى إصدار سابق إذا لزم الأمر.
5. يعد التعاون والتواصل أمرًا ضروريًا عند العمل كفريق:
عند العمل في مشروع بحثي معين مع العديد من أعضاء الفريق، فمن
الأهمية بمكان تحقيق الاتساق في ممارسات واستراتيجيات إدارة بيانات البحث، بما في
ذلك مكان وكيفية تخزين أعضاء الفريق لبياناتهم وتنظيمها. يجب أن يكون كل عضو في
الفريق واضحًا بشأن الإجراءات المتفق عليها لإدارة وتخزين البيانات التي تم
إنشاؤها أثناء الدراسة؛ لضمان سهولة الوصول إليها من قبل الباحثين والمجلات
العلمية ومؤسسات التمويل والقراء.
6. تأكد من وجود نسخ احتياطية وآمنة لبيانات دراستك:
إن البيانات عابرة ويتم فقدانها أو تغييرها عن طريق الخطأ أو
التلاعب عمدًا بها بسهولة بسبب الثغرات الأمنية. إن أحد أهم مكونات إدارة بيانات
البحث هو ضمان تشفير البيانات ونسخها احتياطيًا وتخزينها محليًا في وضع عدم
الاتصال وعلى خوادم ويب مختلفة. في الواقع، قد يكون تخزين مواد البحث على منصات
سحابية آمنة تتزامن تلقائيًا بسلاسة مع الملفات الموجودة على أجهزتك المحلية
خيارًا رائعًا للعثور عليها. قد يكون من الجيد التحقق من البرامج المستخدمة بشكل
منتظم والترقية، أو الانتقال إلى وسائط التخزين الأحدث إذا لزم الأمر. والأهم من
ذلك، تأكد من أن أنظمتك في مأمن ومحمية من برامج التجسس والفيروسات الضارة، التي
قد تفسد أو تدمر عملك الشاق بكل سهولة تمامًا.
7. استخدم تنسيقات الملفات المتوافقة مع أكبر عدد ممكن من البرامج:
من المرجح أن يؤدي ذلك إلى تحسين إمكانية البحث في بيانات
الدراسة، خاصةً إذا كانت مفتوحة أو مشتركة. نظرًا لأن التقدم التكنولوجي قد يوفر
طرقًا جديدة للوصول إلى البيانات، فمن المنطقي والحكمة التأكد من الاحتفاظ ببيانات
دراستك وتخزينها في تنسيقات ملفات يمكن الوصول إليها واستردادها بسهولة حتى بعد
مضي السنوات.
8. قم بتضمين البيانات الوصفية في المستندات لإتاحة البحث بسهولة للآخرين:
غالبًا ما توفر البيانات الوصفية معلومات تسمح للآخرين، الذين
قد يرغبون في استخدام بيانات الدراسة للبحث عنها وفهمها بسهولة. إن الطريقة الأبسط
والأكثر فاعلية لاستخدام البيانات الوصفية هي تضمينها في المستند نفسه، عبر أوصاف
موجزة أو تسميات أو رؤوس عناوين أو ملخصات.
أخيرًا، قبل أن تبدأ إجراء البحث الخاص بك، ضع في اعتبارك
حقيقة بسيطة واحدة: كلما ازدادت أحجام البيانات وكلما زادت تعقيد البيانات، كلما
احتجت إلى مزيد من الوقت لتكريسه في الالتزام بالتخطيط وتطوير استراتيجية فعالة
لإدارة بيانات البحث؛ لمساعدتك في تنظيم وحفظ البيانات التي تم إنشاؤها.