إن العلم مبني على أساس الصدق والنزاهة والثقة، وبالتالي فإن
إجراءات وممارسات البحث المشكوك فيها أو سوء سلوك البحث تؤدي إلى نتائج عكسية في تطبيق المعرفة العلمية. هي لا تضعف نتائج الدراسة وتؤدي إلى سوء التفسير فحسب، بل
تساهم أيضًا في فقدان الثقة بشكل عام في عمل المجتمع العلمي. ونتيجةً لذلك، فإن أي
نوع من سوء السلوك البحثي أو سوء الممارسة يعتبر مسألة خطيرة يجب تجنبها بدقة وبأي
ثمن. لذلك، من الضروري على الباحثين اكتساب أفضل الممارسات في البحوث
الأخلاقية؛ من أجل تجنب الدخول عن طريق الخطأ إلى هذه المناطق المظلمة. تناقش هذه
المقالة ماهية سوء السلوك البحثي، والعديد من أنواع سوء السلوك البحثي، والدوافع
الخمسة لارتكاب سوء السلوك البحثي.
ما هو بالضبط سوء سلوك البحث؟
يشير سوء السلوك البحثي إلى تصرفات وسلوكيات الباحثين، التي
تنتهك نزاهة وأخلاقيات البحث. يعرّف مكتب نزاهة البحث سوء السلوك البحثي على أنه
تزوير أو تلفيق أو سرقة أدبية في إجراء البحث أو التخطيط له أو الإبلاغ عنه أو
مراجعته 1. باختصار، إن سوء السلوك البحثي هو أي انحراف متعمد عن طرق وممارسات
البحث الأخلاقية. إن أحد الأمثلة على سوء السلوك البحثي هو تأليف هويات وتفاصيل
المشاركين في الاستطلاع عن قصد من أجل توليد البيانات، وهو أسلوب بحث غير أخلاقي.
هناك مثالًا نموذجيًا آخر شائعًا على سوء السلوك، يشمل تعديل البيانات أو حذفها
للتأثير على نتائج الدراسة وتغييرها، أو إخفاء المعلومات الهامة عن المشاركين
البشريين في مختلف الاختبارات أو التجارب السريرية.
أنواع سوء السلوك البحثي
هناك أنواع مختلفة من سوء السلوك البحثي وإجراءات الدراسة
وممارساتها غير الأخلاقية. تشمل أهم الانتهاكات الأخلاقية في البحث: التلفيق
والتزوير والانتحال العلمي. فيما يلي بعض أكثر أنواع سوء السلوك البحثي شيوعًا.
• التصنيع: يشير إلى عملية تكوين البيانات دون إجراء الدراسة اللازمة. لا يشمل سوء
السلوك في البحث فعل التلفيق فحسب، بل يتضمن أيضًا مشاركة البيانات أو النتائج
الملفقة، التي تم إنشاؤها أو مناقشتها أو نشرها.
• التزوير: يضم هذا النوع من سوء السلوك البحثي التلاعب المتعمد للبيانات أو المواد أو
الأساليب أو المعدات للوصول إلى نتيجة محددة مسبقًا. قد يكون أحد الأمثلة على ذلك
هو حذف البيانات أو تغييرها بشكل انتقائي، مما يؤدي إلى تصوير غير صحيح لنتائج
البحث.
• الانتحال: هو أحد أكثر أنواع سوء السلوك البحثي شيوعًا، وهو يأخذ أفكار أو معلومات أو
كتابات أو تقنيات أو نتائج لشخص آخر دون إعطاء الائتمان المناسب. يحدث الانتحال
الذاتي عندما تقوم بإعادة إنتاج كتاباتك أو أفكارك من أبحاث منشورة مسبقًا دون
إعطاء اعتراف صحيح.
• التأليف: يحتوي هذا النوع من سوء السلوك الأخلاقي في البحث على محاولات تعيين مؤلفين
احتياليين دون مساهمة كافية في البحث، أو ذكر المؤلفين دون موافقتهم، أو حذف
المؤلفين المساهمين الأصليين. كما يعتبر من غير الأخلاقي تسمية المؤلفين في تسلسل
خاطئ أو غير دقيق.
• تضارب المصالح: يندرج هذا ضمن سوء سلوك البحث العام، وينطوي على فشل الباحثين في الإعلان عن
أي تضارب في المصالح في أعمالهم البحثية. قد يكون تضارب المصالح هذا ماليًا أو
شخصيًا أو مهنيًا بطبيعته، ويجب توثيقه والإبلاغ عنه بشكل صحيح لتجنب أي مخاوف
أخلاقية.
• الموافقات: من أهم جوانب البحوث التي تشمل الموضوعات البشرية أو الحيوانية هو الامتثال
لجميع الموافقات الأخلاقية والمعايير التنظيمية والمبادئ التوجيهية القانونية.
يُنظر إلى عدم الامتثال لهذا الواجب والتفويض الأخلاقي على أنه نوع خطير من سوء
السلوك البحثي.
5 دوافع الانخراط في سوء السلوك البحثي
كانت هناك دوافع عديدة للباحثين لارتكاب سوء السلوك البحثي
على مر السنين. ضع في اعتبارك الدوافع الخمسة التالية للانخراط في سوء السلوك
البحثي.
• ضغوط العمل: أحد العناصر الرئيسية التي ترتبط غالبًا بسوء السلوك البحثي هو الضغط غير
المعقول والمبرر الذي يتعرض له الباحثون. يجب على الباحثين إنتاج بحث أصيل في بيئة
سريعة الخطى، ونشره في كثير من الأحيان في المجلات التي يراجعها الأقران، والحصول
على تمويل للمشاريع البحثية لتعزيز مسيرتهم البحثية. هذا إلى جانب أن ضرورة
التوفيق بين الأدوار والمسؤوليات المختلفة مقابل المواعيد النهائية الضيقة يخلق
ضغوطًا غير ضرورية، مما يؤدي إلى نقص الرعاية أو حتى سوء السلوك البحثي المتعمد.
• علم النفس الشخصي للباحث: قد يكون بعض الباحثين مدفوعين بشدة بالرغبة في التأسيس السريع
لسمعة مهنية قوية أو حتى مكاسب مالية، مما قد يؤدي إلى ارتكاب سوء سلوك البحث.
• نقص التدريب والمهارات المناسبة: سبب آخر لسوء السلوك البحثي هو نقص التدريب على أفضل الممارسات والمعايير
الأخلاقية التي يجب اتباعها كباحث. غالبًا ما يؤدي ضعف الوعي والفهم لهذه العوامل
والقضايا إلى ممارسات بحثية غير أخلاقية.
• الإشراف أو التوجيه غير الملائمين: فيما يتعلق بالنقطة السابقة، يشير هذا إلى الحالات التي لا يتلقى فيها
الباحثون، ولا سيما الباحثين في بداية حياتهم المهنية، الدعم الكافي والمناسب من
المشرفين المباشرين أو المؤسسة المرتبطة بهم. قد يؤدي الافتقار إلى الإشراف
والإرشاد إلى سوء سلوك البحث، سواءً عن قصد أو بغير علم.
• المعرفة غير الكافية: يمكن أن ينشأ سوء السلوك البحثي عندما يفتقر الباحث إلى المعرفة الكافية
بالموضوع / المجال أو أفضل ممارسات البحث. يعتبر الإهمال في إجراء البحوث والإبلاغ
عنها أيضًا سوء سلوك بحثي.
يجب على الباحثين والمؤسسات اتخاذ مجموعة متنوعة من التدابير
لتجنب سوء سلوك البحث. إن الجزء الأكثر أهمية هو توفير التدريب الكافي، الذي يثقف
الباحثين ويبني معرفتهم حول ما يشكل سوء سلوك البحث وكيفية تجنبه. من الأهمية
بمكان للمؤسسات أن يكون لديها قواعد وإجراءات معمول بها تتعلق بأساليب البحث
والسلوك الأخلاقي الجيد، ولضمان توزيعها بنجاح وفعالية عبر مجتمعها البحثي.
يجب على المشرفين أيضًا إرشاد الباحثين الجدد بشأن العمليات والممارسات الصحيحة، بما في ذلك ما يشكل سوء سلوك أخلاقي في البحث. بدون الوعي المناسب، سيكون من الصعب التعامل مع هذه القضية الحاسمة بشكل فعال. أخيرًا، يجب على الباحثين أن يأخذوا على عاتقهم فحص المعايير والمبادئ التوجيهية العالمية للبحث الأخلاقي؛ لضمان عدم مشاركتهم في سوء السلوك البحثي.