يمكن للمهارات الشخصية أن
تصنع مستقبل الباحثين وطلبة الدراسات العليا أو تدمره في المجال الأكاديمي سريع
الخطى اليوم. يحتاج الأكاديميون وطلبة الماجستير أو الدكتوراه، على عكس الافتراض
الشائع، إلى مهارات بسيطة وأساليب إدارية، بالإضافة إلى خبراتهم التقنية والعلمية
التي تتطلب عادةً في عملهم.
على خلاف بعض المهارات
الصعبة، ستكون هذه المهارات الشخصية الناعمة قابلة للتحويل أيضًا إلى مهن أخرى في
مجالات مختلفة. نتيجةً لذلك، أرى أنه من المفيد بدون أدنى شك إدراك المهارات
الشخصية الناعمة بنشاط وتحسينها.
في موضوع المقالة هذه،
سأشرح بعض المهارات الناعمة، التي أعتقد أنها مهمة بالنسبة لك وجديرة باهتمامك؛
لتطويرها باعتبارك باحثًا مبتدئًا أو أحد الملتحقين حديثًا في برنامج الدراسات
العليا. لنبدأ الآن بذكر أبرز المهارات الشخصية الناعمة:
1. التفكير النقدي وتحليل البيانات
نظرًا لأن رسالة أو أطروحة
الدراسات العليا خاصةً أطروحة الدكتوراه تتضمن إلى حد كبير تمرينًا في تحسين
التفكير النقدي في قطاع معين من المعرفة، فإن التفكير النقدي وتحليل البيانات هو
مكان طبيعي وواضح للبدء. من ناحية أخرى، يجب على طلبة الدراسات العليا بشكل عام
تحسين مهارات التفكير النقدي وتحليل البيانات.
على سبيل المثال، على الرغم
من أنه لا علاقة له بعملي اليومي، أدركت على الفور أنني بحاجة إلى التفكير بشكل
نقدي وحذر عند اختيار السؤال، الذي يجب طرحه في ندوة علمية أو عروض تقديمية مفتوحة
في القسم الذي أعمل فيه.
2. التخطيط وإدارة الوقت
هذا مثال واضح آخر لهذه
المهارات. يعد الشعور الشديد بإدارة الوقت أمرًا ضروريًا؛ إذا كنت تريد التخطيط
لأي وظيفة وتنفيذها وإكمالها بنجاح خلال الإطار الزمني المحدد. حتى المهام البسيطة
مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني، وتحديث محاضر الاجتماعات، وكتابة المسودات
والأوراق البحثية اللاحقة، وما إلى ذلك، يمكن أن تتطلب إدارة مناسبة للوقت لا
سيمّا لدى طلبة الدكتوراه.
في تصورنا يأخذ الباحثون
وطلبة الدراسات العليا والمشرفون على أبحاثهم هذه المهارة بجدية ويقدرونها أكثر من
أي مهارة شخصية أخرى. وبالتالي، أعتقد أن هذه المهارة يجب أن تكون جزءًا من
ترسانتك في المجال الأكاديمي والبحثي.
3. العصف الذهني وتوليد الأفكار
يُسمى هذا أيضًا من قبل
البعض بالقدرة على "حل المشكلات". أتصور أنه يجب عليك باعتبارك من طلبة
الدراسات العليا تحديدًا طلبة الدكتوراه، أن تكون قادرًا على التفكير بشكل تحليلي
وعقلاني من أجل توليد الحلول. يمكن أن تساعدك مهارة "العصف الذهني" هذه
ليس فقط في عملك، ولكن أيضًا في الشراكات والتعاون الخاص بك، وهو أمر سائد في
المشاريع الكبيرة التي تضم العديد من مرشحي الدكتوراه. على الجانب الآخر من معالجة
المشكلات، يعد العصف الذهني مفيدًا ومهمًا لتكوين موضوعات شيقة وأسئلة مثيرة
للاهتمام يمكن الإجابة عليها بعد ذلك.
أعتقد أن هذه المهارة أصبحت
ضرورية للغاية، وهي مهارة مشتركة لدى كل من الأكاديميين والباحثين وطلبة الدراسات
العليا كذلك، فهي كما ذكرنا تشير إلى القدرة على التفكير خارج الصندوق، ومعالجة
الموضوعات والقضايا الملحة ذات المتغيرات المتعددة اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا
واقتصاديًا وأمنيًا ودينيًا.
4. اتخاذ القرارات الأخلاقية
إن عملك كطالب باحث شخصي
للغاية. لذلك، من الأهمية بمكان أن تنمي حسًا بالأخلاقيات العلمية أثناء دراستك.
كونك صانع قرار أخلاقي يستلزم أخذ دور توسيع المعرفة في مجالك على محمل الجد. يجب
عليك اتخاذ القرارات الأخلاقية بشأن كل قرار عمل رئيسي. نظرًا لأن لديك قدرًا
كبيرًا من القدرة على التحكم في السرد وتشكيله، فقد يكون من السهل أن تكون مهملًا
أو متهورًا أو رافضًا للأخلاق في قراراتك أو أفعالك. ومع ذلك، فإن القرار الأخلاقي
الجيد يحسن جودة البحث الخاص بك ويعزز من الثقة المتبادلة بين الزملاء
الأكاديميين.
على سبيل المثال، عند تقديم
الورقة البحثية الأولى الخاصة بك، والتي من المرجح أنها تضمنت الكثير من التجربة
والأخطاء، كان عليك اتخاذ قرارات مثل "هل يجب أن أذكر جميع المنهجيات التي
حاولت ألا تخفق في العمل، أو أذكر فقط تلك التي نجحت في النهاية و أقوم بمناقشتها؟
".
5. التفاوض والتعاون والعمل الجماعي
أرى أن هذه أيضًا واحدة من
أكثر المهارات اللينة وضوحًا، التي تحتاجها كطالب للماجستير وخاصةً الدكتوراه. إذا
سبق لك العمل في فريق أو كان لديك مشرف / رئيس، فأنت تعلم مدى أهمية مهارات
التفاوض للغاية. ومع ذلك، أعتقد أن التفاوض يجب أن يكون مصحوبًا بالمهارات الجيدة
لفريق العمل الجماعي. إن هذه المهارة ضرورية لدى طلبة الدكتوراه، وهي تختلف عن
مهارات التفاوض المطلوبة من جانب رجال الأعمال أو الدبلوماسيين. على عكس تلك المهن
الأخرى، فإن العمل البحثي ليس لعبة محصلتها صفر. لذلك، يجب وضع استراتيجيات
التفاوض بطريقة تساعدك أنت وفريقك من الزملاء والمشرفين في الوصول إلى أفضل
النتائج المحتملة.
هناك العديد من المهارات
الشخصية ذات الصلة بالباحثين وطلبة الدراسات العليا، والتي يمكن أيضًا نقلها إلى
الوظائف المستقبلية في أي مجال. هل تريد أن تعرف أيها؟ اقرأ المزيد من المقالات
حول هذا الموضوع.
6. مرونة الأفكار
إن أي جمود في أفكارك لن
يؤدي إلا إلى إعاقة قدرتك على التعرف على الأفكار والنتائج الجديدة في نطاق عملك.
عندما تتعارض نتائجك مع المفاهيم والفرضيات السابقة، يجب أن تكون مستعدًا لرفضها
أو تجاهلها. يمكن أن تساعدك هذه القدرة على التكيف في تقدير الاكتشافات الجديدة أو
بناء شيء جديد تمامًا لم تخطط له حتى.
على سبيل المثال، اكتشف بعض
الباحثين أن جزءًا من الضجيج الذي وجده في نتائج أحد أبحاثه كان في الواقع إشارة
إلى نتيجة مختلفة عن فرضيتي. بدا هذا شاقًا ومحيرًا، لكنه تمكن من قبول الحقائق
والحصول على النتائج في النهاية. أعتقد أن هذا أدى إلى تحسين أدائه كمرشح لنيل
درجة الدكتوراه.
7. الخطاب والمناقشة العامة
يمكن أن يكون تطوير
المهارات التي تسمح لك بمناقشة أو التحدث عن بحثك في الأماكن العامة مفيدًا جدًا
لطلبة الدراسات العليا لا سيّما طلبة الدكتوراه. ليس كل شخص خطيبًا بالفطرة، ولكن
قد تصبح ماهرًا بما يكفي لتوضيح فكرتك ووجهة نظرك بشكل واضح وشامل. يجب أن ينطبق
هذا على كل من الجماهير العلمية وغير العلمية. إن غالبية الشخصيات العلمية
المعروفة هم خطباء ومعلمون عامون بارزون.
أنا شخصيًا ما زلت أحاول
اكتساب أكبر قدر ممكن من الخبرة في التقديم إلى مختلف الجماهير؛ من أجل تعلم كيفية
أن أكون فعالًا في الخطاب العام. إن هذه المهارة تساعدك في المؤتمرات والندوات،
وكذلك عندما أتحدث إلى الأشخاص المهتمين بعملي.
8. المثابرة والصبر
إن المثابرة هي واحدة من
أكثر المهارات اللينة التي لا تحظى بالتقدير، وهي أيضًا ضرورية بنفس القدر لطلبة
الدراسات العليا لا سيّما طلبة الدكتوراه. كثيرًا ما تواجه الحكم وانتقادك بسبب
أفكارك وعملك ونتائجك. ومع ذلك، يجب أن تكون مثابرًا ومزدهرًا في هذا المناخ
الحرج. إن كل هذه الانتقادات وردود الفعل السلبية ستجعلك باحثًا أفضل. من الصعب
الاستمرار في التركيز على الهدف عندما تشعر بالإحباط بسهولة. نتيجةً لذلك، كلما
أسرعت مبكرًا في نمو "شخصية سميكة" تتحمل الضغوط، وواصلت العمل
بالمثابرة والصبر، كان ذلك أفضل لمستقبلك البحثي والمهني.
عندما بدأ الكثير من
الباحثين والطلبة أبحاثهم ودراساتهم العليا للحصول على درجة الماجستير أو
الدكتوراه، فمن المرجح أنهم شعروا بالانزعاج والاستياء حقًا؛ عندما تلقوا تعليقات
وانتقادات قاسية وشديدة اللهجة وطويلة جدًا على مسودات المخطوطة أو الأطروحة
البحثية الخاصة بهم. لكنهم بكل تأكيد ثابروا وقاموا بنشر العمل البحثي. في
الحقيقة، كان كل شيء يستحق العناء في النهاية.
9. الوعي والتعاطف
أجد أنه من السهل جدًا على
الباحثين في مواقفهم، أن يظلوا غير مبالين بحجة كونهم موضوعيين علميًا. ومع ذلك،
لكي يكون طالب الدكتوراه باحثًا مقبولًا أخلاقيًا، يجب أن يكون مدركًا لحساسيات من
حوله، وأن يكون متعاطفًا مع وضعهم. يشجعك كونك طالب دكتوراه دوليًا على أن تكون
حساسًا للاختلافات الثقافية. إن هذه ليست مجرد مهارة سهلة، ولكنها بالأحرى ملاحظة
وفهم شاملان للأشخاص الذين تتواصل وتتفاعل معهم.
في الواقع وحسب رأيي
الشخصي، أعتقد أن الباحث المتعاطف هو أيضًا أكثر جدارة بالثقة ويمكن الاعتماد عليه
اجتماعيًا. يحاول كثير من الباحثين بما في ذلك طلبة الدراسات العليا تشكيل أفكارهم
والتعاطف مع الآخرين قدر الإمكان في هذا الاتجاه بأنفسهم.
10. حجة مفصلة وجدل دقيق
أخيرًا، أعتقد أن الاختلاف
الدقيق في أفكارك وحججك هو السمة المميزة لطالب أكاديمي وباحث جيد. إن غالبية
الأفكار والمفاهيم الدنيوية ليست بالأبيض والأسود الصارخ، حيث أن هناك فروق دقيقة
يجب مراعاتها في هذا الأمر. نحن كبشر أكثر عرضة لآفة تصنيف الأشياء إلى صناديق
صلبة، كذلك الحال اليوم في عالمنا الذي بات كل شيء فيه عرضة للاختزال في التسميات.
يجب أن تتجاوز حججك وأفكارك هذه العادة باعتبارك طالب دكتوراه.
علاوةً على ذلك، يمكن إضافة مهارات أخرى إلى هذه القائمة تشمل: مثل إدارة الموارد، والقراءة النقدية والكتابة، والتواصل. لقد حاولت في هذه المقالة معالجة المهارات الناعمة، التي أعتقد أنها ذات صلة بشكل خاص بمسار طلبة الدراسات العليا، لا سيّما طلبة الدكتوراه، والتي يمكن أيضًا نقلها إلى وظائف مستقبلية في أي مجال. تحقق من مجموعة المقالات حول كيفية اكتساب بعض المهارات وتطويرها أثناء دراستك العليا أو بصفتك باحثًا.