عند اقدامك على دراسة الماجستير ربما قد يتراود إلى ذهنك تساؤلًا عن رغبتك في دراستها. إذا كان هذا التساؤل فعلًا ما يراودك؛ فأظن أنك قد تلقيت إجابتك للتو عند وصولك إلى هذه المقالة. يطمح كثير من الطلبة والموظفين الحاملين لدرجة البكالوريوس في مناطق مختلفة حول العالم إلى استكمال دراستهم العليا عبر الحصول على درجة الماجستير، لأهداف متنوعة منها زيادة التحصيل العلمي أو الحصول على أفضل الفرص الوظيفية في المجالات الأكاديمية أو المهنية.
بغض النظر عن تلك الأهداف المشروعة، فإن دراسة الماجستير تختلف عما يسبقها من المراحل التعليمية من نواحٍ كثيرة، وهو الأمر الذي يثير العديد من الأسئلة لدى الذين يرغبون بالتقديم على برامج الماجستير، خاصةً وأن هناك أنواع مختلفة من الماجستير، تختلف باختلاف الغرض من دراستها والحصول على الدرجة من خلالها. في هذه المقالة، سنسلط الضوء بصورة خاطفة وعامة على أبرز أسباب الحصول على الماجستير، لا سيّما لدى أولئك الذين باستطاعتهم مواصلة الدراسة لهذه المرحلة، ومعرفة أنواع درجة الماجستير، وشروط القبول وطبيعة التخصصات وتكلفة الدراسة، وطبيعة المستقبل المهني للذين حصلوا على هذه الدرجة العلمية.
لماذا أحصل على الماجستير؟
أولًا
عليك معرفة ماهي درجة الماجستير؟ هي تعتبر إحدى الدرجات العلمية المتقدمة، التي
يمكن أن يقدم عليها الشخص بعد حصوله على درجة البكالوريوس، وليس الجميع ممن أنهوا
مرحلة البكالوريوس يتسنى لهم الحصول على درجة الماجستير. في البداية يجب أن تعلم
أن حصولك على هذه الدرجة قد يحتاج في الغالب إلى وجود مبررات تدعمه، سواءً أكانت
تلك المبررات تنطلق من بعض الأهداف الأكاديمية أو الوظيفية. يتساءل كثير من الطلبة عن
أهمية استكمال الدراسة ما بعد المرحلة الجامعية – أو حتى ربما في مراحل متقدمة،
والحصول عليها لا سيّما من الجهات المعترف بها. بكل تأكيد قد يشكل حصولك على هذه
الدرجة بمثابة نقطة انطلاقك نحو تحقيق هذه الأهداف والغايات، أو ربما تساهم في
بادئ الأمر في تكوين شخصية علمية وعملية لها ارتباط وثيق بالتخصص المستهدف من قبلك
لدراسته.
إن
حصولك على هذه الدرجة العلمية سيساعدك بشكل كبير في الحصول على فرص وظيفية مرموقة
في تخصصك، حيث تساهم دراسة الماجستير في زيادة المعرفة لديك في مجالك، إضافة إلى
صقل قدراتك ومهاراتك في تخصصك، كما أنها قد تعزز سيرتك الذاتية، مما
قد يمنحك ذلك فرص عمل فريدة في مختلف مجالات العمل والحياة. في كثير من الأحيان،
لم يحالف الحظ الطلبة في الحصول على قبول في إحدى الجامعات لدراسة الماجستير. على سبيل المثال، قد يكون ذلك بسبب انخفاض المعدل التراكمي، أو تدني درجة اختبارات القدرات واللغة الإنجليزية، أو عدم العثور على الوظيفة ما بعد التخرج من المرحلة البكالوريوس، وهو الأمر الذي قد
يدفعهم إلى الاتجاه نحو القرار بدراسة الماجستير.
ربما يكون ذلك أحد أفضل الخيارات المتاحة أمامك.
ومع ذلك، يبقى السؤال حائرًا، هل أقوم بالتسجيل في الماجستير أم أنتظر الفرصة
للحصول على وظيفة؟ ولكن هل يعد هذا المبرر كافيًا؟ بالطبع لا، لأن الغرض من دراستك
للماجستير هو أمر تحسمه أنت، بناءً على الأهداف التي وضعتها في بناء مستقبلك كما أشرنا أعلاه، أو
على الأقل في وضع تصورات يمكن لها تحقيق ما تسعى إليه.
من يستطيع دراسة الماجستير؟
بكل
تأكيد يستطيع أي شخص دراسة الماجستير، ولكن يجب النظر إلى بعض الاعتبارات، التي من الممكن أن تقيد قبولك في برامج الماجستير بناءً على مرحلتك التعليمية، أو حتى
ربما الفئة العمرية التي تنتمي إليها. على سبيل المثال، إذا كنت للتو أحد خريجي
المرحلة الجامعية؛ فإنه من المتاح لك دراسة الماجستير وفق بعض الشروط، التي وضعتها
الجامعات والكليات المتاحة في بلدك، ولكن أيضًا ضع في اعتبارك أن كنت أحد
الدارسين في مرحلة دراسية معينة، فلا يسمح لك النظام بدراسة الماجستير بجانب هذه
الدراسة.
دون
أدنى شك، فإن دراسة الماجستير تحتاج إلى استيفاء العديد من المتطلبات، التي تختلف
عن تلك المُشروطة في حال تقدمك إلى دراسة الدبلوم أو البكالوريوس؛ سواءً كنت من
مواطني الدول العربية، أو حتى كنت تقطن في دول أخرى خارج المحيط العربي. على سبيل
المثال، تشترط معظم الجامعات العربية الحصول على تقدير لا يقل عن جيد جدًا، بجانب
شهادة اختبار اللغة الإنجليزية والقدرات، والحصول على توصيات علمية ممن سبق لهم
تعليمك في البكالوريوس، وإجراء اختبارات تحريرية ومقابلة مع لجنة القبول في غالبية
التخصصات المُتقدم إليها؛ خذ بعين الاعتبار أن هذا لا يشمل بعض التخصصات في بعض
الدول، التي ينبغي مراجعة قواعدها وشروطها الداخلية؛ في حال قررت الانضمام إليها. إن
الحصول على درجة الماجستير يسبقه العديد من الشروط والمتطلبات التي لابد أن
يجتازها الفرد ليتم قبوله لدراسة الماجستير، وتختلف هذه الشروط من جامعة لأخرى.
اقرأ
المزيد حول دليل شامل للدراسات العليا في المملكة العربية السعودية.
أنواع درجات الماجستير وتكلفتها
يجب
أن تركز على هذه النقطة جيدًا، فمنذ الوهلة الأولى قد يبدو لك أن برامج الماجستير
هي متشابهة مهما كانت الغاية التي تنشدها من دراستك لها؛ لاحظ أن هذا الاعتقاد
الشائع غير صحيح إطلاقًا، حيث تتبنى العديد من الجامعات والكليات على مستوى العالم
نوعين على الأقل مختلفين لبرامج الماجستير، من حيث التصنيف والهدف والمخرجات
المتوقعة منهما. دعنا نوضح لك الأمر ببساطة دون تعقيد!
الماجستير الأكاديمي
من
المحتمل أن يدور بذهنك حينما تقرأ هذا المصطلح أن المقصود به هو ماجستير خاص
بالجامعات لوحدها! هل هذا ما تظنه حقًا؟ للأسف ما تراه غير صحيحًا، حيث إن
الماجستير الأكاديمي يشير إلى نوعية تلك البرامج التي تؤهلك إلى الالتحاق في مجال
العمل الأكاديمي؛ أي أنك ستصبح أكثر ارتباطًا بمجال التعليم، مع العلم أن هذا ليس
بمقياس نهائي، فهناك الكثير من الأشخاص ممن حصلوا على وظائف بعد إكمالهم لدرجة
الماجستير. ولكن، المتغير هنا أن الماجستير الأكاديمي يمنح لك آفاقًا أكثر حيوية
في حال كانت وجهتك القادمة هي دراسة الدكتوراه؛ هل فهمت ما أعنيه يا صديقي؟ إذن
دعني أوضح لك النوع الآخر من برامج الماجستير.
الماجستير المهني
بعد
أن تعرّفت على ماهية الماجستير الأكاديمي؛ ستقول الآن بكل تأكيد أن الماجستير
النوعي أو المهني أو التنفيذي "سمه ما شئت" هو مركز بمخرجاته أكثر على
المجال الوظيفي وتطويره. إذا كان هذا ما تعتقده الآن، فاعلم أنك أصبحت تدرك معنى
الاختلاف بين هذين النوعين من البرامج المتعلقة بدراسة الماجستير. ومع ذلك، إذا
كنت تواجه بعض التحديات في اختيار البرنامج المخصص من هذين النوعين، فعليك بالتوجه
لقراءة المزيد من مقالاتنا حول ذلك؛ لمعرفة أوجه الاختلاف بين الماجستير الأكاديمي والمهني.
التخصصات وتكلفة الدراسة
من
المحتمل بشكل كبير أنك تساءلت ذات يوم، عما إذا كان التخصص المستهدف لديك متاحًا في
الجامعة، التي ترغب في التقدم إليها لدراسة الماجستير، إلى جانب كم تبلغ تكلفة
دراسته تحديدًا. في الواقع، يعتمد الإجابة على هذا السؤال على بعض المعطيات منها
طبيعة الجامعة وما إذا توفر هذا التخصص، حيث إن الجامعات بطبيعتها تعمل سنويًا على
إعادة جدولة البرامج الدراسية والتكلفة الخاصة بها. لذلك، من المهم أن تتابع بشكل
مستمر مدى وجود هذه التغييرات في البرامج والتكلفة الدراسية. وبالرغم من ذلك، ننصحك بالتعرّف على أبرز الحلول المقترحة لتجاوز التحديات ذات الصلة في توفير القبول وسداد الرسوم الخاصة في برامج الدراسات العليا.
الماجستير والمستقبل المهني
بدون
أدنى شك، فإن الحصول على درجة الماجستير سيعزز من فرصك الوظيفية سواءً في المجال
الأكاديمي أو المهني، حيث ستمنحك هذه الدرجة المزيد من التخصص والامتياز في المجال
الذي تهتم به، خصوصًا لو كان مجال دراستك في الماجستير امتداد لذات التخصص في
دراستك في مرحلة البكالوريوس. بكل تأكيد هذا يضفي المزيد من الخبرة المعرفية لديك،
والتعمق في قضايا ونظريات ومشكلات التخصص، وهو الأمر الذي يحتاجه منك أصحاب العمل؛ للوقوف على مثل هذه التحديات العملية ومعالجتها بصورة أفضل. قد يتوقف حصول الفرد على وظيفة أكاديمية، أو بعض الأدوار
القيادية، على حصوله على درجة الماجستير، حيث تعتبر الشهادات العليا في بعض
الشركات الكبرى ذات أهمية كبيرة.
تساهم دراسة الماجستير في زيادة القاعدة المعرفية للفرد، إضافة إلى تحسين قدراته الفنية في مجاله. كما أنها قد تمنح الفرد فرص ممتازة للحصول على الترقيات والعلاوات الجيدة في وظيفته. لا تنسى أن درجة الماجستير هي شرط أساسي للحصول على درجة الدكتوراه، فلابد للشخص الذي يسعى للحصول على درجة الدكتوراه أن يحصل أولًا على درجة الماجستير. ومع ذلك، لا تعني شهادة الماجستير وحدها مقياسًا كافيًا للتوظيف، إذ يُفضل أصحاب العمل من لديهم الخبرات والشهادات المهنية في التخصص المطلوب للوظيفة الشاغرة. لذلك، ننصحك بالمزج بين هذين العاملين المؤثرين في التوظيف، حتى تتمكن من الحصول على فرص وظيفية تتناسب بشكل كبير مع قدراتك ومهاراتك وتطمح إليها. من المهم للغاية أن تعمل على اكتشاف الخطوات المهنية المستقبلية أثناء دراستك العليا.
نصائح للراغبين بالحصول على درجة الماجستير
-
تجنب قدر الامكان الابتعاد عن تخصصك الجامعي حينما تقدم على دراسة الماجستير؛
عندما يكون تخصصك في مرحلة الماجستير هو امتدادًا لتخصصك الجامعي؛ فإن ذلك يمنحك
المعرفة والتعمق أكثر في فهم هذا المجال، كما قد يساهم ذلك في تعزيز الفرصة لديك،
ما إذا كان لديك هدفًا من أن تعمل أكاديميًا في أحد الجامعات، حيث يضيف لك امتداد
التخصص قوة لدرجة الماجستير، التي ستحصل عليها بعد انتهائك من هذه المرحلة بإذن
الله.
-
عندما تقدم على دراسة الماجستير عليك أن تستفيد من المرحلة التي تسبق دراستك،
كالعمل على التدريب والتطوير لبعض المهارات لديك التي تخدمك في تخصصك، كما قد
يفيدك الاطلاع على بعض قصص الأشخاص الذين سبقوك في دراسة الماجستير بنفس المجال
الذي أنت مقبل عليه، والاستفادة من تجاربهم، فإن حرصك على العمل بهذه النصائح
البسيطة قد يساهم في إعدادك لهذه المرحلة جيدًا، وجعلك تسير لاحقًا بخطى مدروسة تساعدك
على إنهاء هذه المرحلة بكفاءة ونجاح.
-
عليك ألا تنسى أن ما يميز مرحلة الماجستير عن المراحل التي تسبقها هو البحث
العلمي، ففي هذه المرحلة يتم تدريبك بشكل مكثف لتطوير مهاراتك البحثية وانهاء هذه
المرحلة برسالة علمية من اجتهادك أنت كباحث، لذا عليك العمل بشكل جدي على معرفة
كيفية البحث العلمي، وتطوير مهاراتك البحثية، وذلك من خلال تطويرها ذاتيًا من خلال
المواقع الخاصة بالتدريبات المجانية، أو من خلال الالتحاق بدورات مدفوعة مختصة
بالبحث العلمي. لذلك، من الأهمية أن يعمل طلبة الدراسات العليا على مواجهة التحديات، التي تعترض طريقهم أثناء الدراسة.
-
تذكر أنه لا يوجد شخص ملم ولديه معرفة كاملة، لذا لا تخجل من أن تسأل، لا تتردد من
سؤال الأشخاص الذين سبقوك في دراسة نفس مجالك، فإن السؤال والاستفادة ممن سبقوك
بالطبع قد يوفر عليك الكثير من الجهد والتعب أثناء رحلتك الدراسية، بالإضافة إلى استخدام قائمة مخصصة لإدارة الوقت والأنشطة.
-
حاول عدم إعارة انتباهك للأشخاص السلبيين والمحبطين من العزيمة، وتذكر دائمًا هدفك
من دراسة الماجستير، وأكمل طريقة بكل عزيمة وجهد حتى تحصد ثمار دراستك، التي سعيت جاهدًا من خلالها للحصول على الدرجة العلمية.
في الختام تذكر دائمًا أنه لا يوجد وقت محدد للحصول على درجة الماجستير، لذا لا تلتفت للظروف المحبطة ولا للعبارات السلبية التي تقول لقد فات الأوان، أنا كبير في السن الآن...الخ، ليس للعلم عمرًا ولا نهاية، فلا تجعل من هذه الترهات عقبة أمام هدفك للحصول على درجة الماجستير، إضافة إلى جميع الظروف التي تظن أنها عائق أمام تحقيق هدفك، فإنك بكل تأكيد تستطيع دائمًا أن تتغلب عليها بمدى قدر توكلك على الله ثم عزيمتك وقوة إيمانك بهدفك.